
لسنوات طويلة، كان امتلاك هاتف أندرويد مع القدرة على توصيله بشاشة خارجية والحصول على تجربة تشبه “سطح المكتب” (Desktop) مقتصراً بشكل أساسي على أجهزة سامسونج الرائدة من خلال واجهة Samsung DeX المميزة. DeX يوفر واجهة متعددة النوافذ، شريط مهام، والقدرة على استخدام الهاتف كبديل محدود للكمبيوتر في بعض المهام. بينما في معظم هواتف أندرويد الأخرى، كانت إمكانية عرض الشاشة الخارجية بسيطة ومحدودة للغاية.
لكن يبدو أن هذا الوضع على وشك أن يتغير بشكل جذري! تشير تسريبات قوية ومؤشرات ظهرت مؤخراً من خلال تحليل الرمز البرمجي لنظام أندرويد إلى أن جوجل نفسها تعمل بنشاط على تطوير واجهة “سطح مكتب” قوية ومدمجة كنظام أساسي في أندرويد، تهدف إلى توفير تجربة مشابهة لتجربة الكمبيوتر عند توصيل الهاتف بشاشة خارجية.
هذا التطور يُعد خطوة هامة جداً، ويعكس طموحات جوجل في جعل هواتف أندرويد أكثر مرونة وقدرة في التعامل مع مهام الإنتاجية التي تتطلب شاشة أكبر واستخدام لوحة مفاتيح وفأرة.
“عرض سطح المكتب” (Desktop Mode): الواجهة الجديدة قيد التطوير
يُطلق على الواجهة الجديدة التي تعمل عليها جوجل حالياً اسم “عرض سطح المكتب” (Desktop Mode). ورغم أنها لا تزال “عمل قيد التقدم” (Work in Progress) وتظهر في مراحلها الأولية ضمن “خيارات المطورين” (Developer Options) في بعض إصدارات أندرويد التجريبية، إلا أن الميزات التي تم رصدها تُظهر أن جوجل تهدف لتقديم تجربة سطح مكتب كاملة وقوية:
-
شريط مهام ثابت (Persistent Taskbar): مثلما تجده في أنظمة تشغيل الكمبيوتر الشهيرة مثل ويندوز أو ChromeOS. سيوفر هذا الشريط وصولاً سريعاً إلى التطبيقات المثبتة على الهاتف ويعرض التطبيقات المستخدمة مؤخراً، مما يسهل التبديل بين المهام المتعددة.
-
نوافذ حرة وقابلة للتثبيت (Freeform and Resizable Windows): النقطة الأكثر أهمية للحصول على تجربة تشبه الكمبيوتر. سيتمكن المستخدمون من تشغيل تطبيقات متعددة في نوافذ منفصلة يمكن تغيير حجمها وتحريكها بحرية على الشاشة الخارجية.
-
دعم سحب وإفلات المحتوى (Drag and Drop): يبدو أن النظام الجديد سيتضمن القدرة على سحب المحتوى (مثل النصوص أو الصور) وإسقاطه بين النوافذ والتطبيقات المختلفة، وهي ميزة أساسية لتعدد المهام بفعالية.
هذه الميزات ستسمح للمستخدمين بتحويل هاتفهم الأندرويد إلى جهاز قادر على تشغيل عدة تطبيقات جنباً إلى جنب في بيئة مرئية مألوفة تشبه سطح المكتب، وهو أمر بالغ الأهمية لإنجاز المهام المكتبية، تصفح الويب بشكل مكثف، وحتى بعض أنواع العمل الإنتاجي باستخدام لوحة مفاتيح وفأرة متصلة.
مؤشرات على جدية جوجل: بناء على أساس متين
لم تأتِ فكرة “عرض سطح المكتب” من فراغ. جوجل تبني على أساس عمل سابق. ففي العام الماضي، سمحت الشركة لأجهزة Pixel الخاصة بها بدعم تعزيز الشاشة الخارجية. وفي وقت سابق من هذا العام، كانت هناك إشارات بالفعل إلى عمل جوجل على “خيار للمطورين” لوضع سطح مكتب.
حقيقة أن جوجل تقوم الآن بالغوص بشكل أعمق في الرمز البرمجي لتطوير هذه الميزات المحددة – شريط المهام، النوافذ الحرة، سحب وإفلات – والبناء على إمكانيات “العرض الخارجي” (External Display) التي تم تقديمها في إصدارات أندرويد السابقة (مثل القدرة على إعادة ترتيب الشاشات وتحريك الماوس بينها) هي مؤشر قوي على أن الشركة جادة هذه المرة في تقديم حل متكامل.
ليس جاهزاً بعد، ولكن المستقبل واعد
من المهم التحلي بالواقعية. الواجهة الجديدة لا تزال في مراحل التطوير المبكرة، وتواجدها في “خيارات المطورين” في الإصدارات التجريبية يعني أنها ليست جاهزة لتجربة المستخدم النهائي بعد. في الوقت الحالي، قد لا تكون أكثر من نسخة معدلة من وضع النوافذ الذي نراه بالفعل على الأجهزة اللوحية القابلة للطي.
لذلك، من غير المرجح أن نرى “عرض سطح المكتب” كمنتج نهائي ومستقر في الإصدار القادم من أندرويد (ربما Android 16) الذي قد يُطلق لاحقاً هذا العام. لكن حقيقة أن جوجل تستثمر الوقت والجهد في تطوير هذه الميزة هي علامة ممتازة.
يبدو أن جوجل أصبحت أخيراً مستعدة لتقديم بديل قوي لـ Samsung DeX لمستخدمي هواتف أندرويد الأخرى، مما سيسمح لهم بتحويل هواتفهم إلى “كمبيوترات جيب” حقيقية عند الحاجة، والاستفادة القصوى من قوة المعالجة المتزايدة في الهواتف الذكية الحديثة.
في الختام: مستقبل أندرويد متعدد الاستخدامات يلوح في الأفق
تسريبات واجهة “عرض سطح المكتب” الجديدة في أندرويد هي خبر مثير جداً لجميع المهتمين بمستقبل الحوسبة المتنقلة. إنها خطوة قد تُعيد تعريف كيفية استخدامنا لهواتفنا، وتحولها من مجرد أجهزة شخصية إلى محطات عمل محمولة قادرة على التكيف مع شاشات أكبر وبيئات إنتاجية أكثر تقليدية.
بينما لا يزال علينا الانتظار لمعرفة متى ستصبح هذه الميزة متاحة بالكامل وكيف ستعمل تطبيقات الطرف الثالث معها، فإن مجرد وجودها قيد التطوير يُظهر أن جوجل تتجه نحو مستقبل حيث يمكن لهاتفك الأندرويد أن يكون حقاً جهازك الحوسبي الرئيسي، بغض النظر عن المهمة أو المكان.