لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة للمحادثة أو كتابة النصوص، بل يتطور باستمرار ليصبح مساعداً شاملاً في مختلف جوانب حياتنا اليومية. وفي خطوة مفاجئة ومهمة جداً، أعلنت شركة OpenAI عن تحديث كبير لأداتها البحثية المدمجة في ChatGPT، وهي ChatGPT search، لجعلها أداة قوية وفعالة في عالم التسوق عبر الإنترنت.
يهدف هذا التحديث إلى تزويد مستخدمي ChatGPT بتجربة تسوق محسنة، شخصية، وسريعة، مما يضع ChatGPT Search في منافسة مباشرة مع أدوات البحث التقليدية، وتحديداً مع عملاق البحث Google في أحد أهم مصادر دخله وأعماله: البحث عن المنتجات والتجارة الإلكترونية.
تسوق بذكاء: ما الجديد في بحث ChatGPT؟
وفقاً للإعلان الذي أصدرته OpenAI يوم الاثنين، فعندما يقوم المستخدمون بالبحث عن منتجات معينة باستخدام أداة ChatGPT search، لن تقتصر الردود على مجرد تقديم معلومات عامة. بدلاً من ذلك، سيقوم الشات بوت الآن بـ:
- تقديم توصيات محددة: بناءً على طلب المستخدم، سيقترح ChatGPT عدداً من المنتجات ذات الصلة.
- عرض صور للمنتجات: لمساعدة المستخدم على رؤية شكل المنتج قبل الانتقال إلى صفحة الشراء.
- توفير مراجعات وتقييمات: لتقديم لمحة عن آراء المستخدمين الآخرين حول المنتج المقترح.
- تضمين روابط شراء مباشرة: للانتقال فوراً إلى صفحات الويب حيث يمكن شراء المنتجات بسهولة.
تؤكد OpenAI أن المستخدمين يمكنهم طرح أسئلة “شديدة التحديد” بلغة طبيعية جداً، وسيتمكن النموذج من فهمها وتقديم نتائج مخصصة تناسب استعلامهم بدقة. في البداية، ستركز هذه الميزات على فئات منتجات شائعة مثل الموضة، مستحضرات التجميل، الأدوات المنزلية، والإلكترونيات.
تحدي مباشر لعرش Google في التسوق الإلكتروني
لا تخفي OpenAI أن هذا التحديث هو جزء من جهودها للمنافسة مع Google من خلال خلق تجربة بحث عن المعلومات والمنتجات تكون “أفضل وأكثر تخصيصاً”. التسوق عبر الإنترنت يمثل سوقاً ضخماً وإحدى أهم ركائز أعمال Google، حيث تعتمد بشكل كبير على الإعلانات المدفوعة لوضع المنتجات في صدارة نتائج البحث.
وترى OpenAI أن نموذجها القائم على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم بديلاً يقدم نتائج أكثر صلة وتخصيصاً، وربما يبتعد عن الضغط التجاري الذي قد يؤثر أحياناً على جودة نتائج البحث التقليدية بسبب الإعلانات المدفوعة.
تزعم OpenAI أن أداة ChatGPT search تشهد نمواً سريعاً بالفعل، مشيرةً إلى أن المستخدمين أجروا أكثر من مليار عملية بحث على الويب عبر ChatGPT في الأسبوع الماضي فقط (وفقاً لما ذكرته الشركة لموقع TechCrunch)، وهو رقم ضخم يعكس حجم الاستخدام المتزايد لهذه الأداة.
نتائج مستقلة وليست إعلانات مدفوعة… ولكن هل يتغير الموقف مستقبلاً؟
نقطة حاسمة أكدت عليها OpenAI هي أن نتائج التسوق التي يقدمها ChatGPT في هذا التحديث يتم تحديدها بشكل مستقل، وأن الإعلانات ليست جزءاً من هذه الترقية حالياً. تعتمد النتائج على بيانات وصفية منظمة من جهات خارجية (مثل الأسعار، الأوصاف، والمراجعات)، وأن OpenAI لن تحصل على أي عمولة (kickback) من المشتريات التي تتم عبر الروابط المقدمة.
تاريخياً، كان الرئيس التنفيذي لـ OpenAI، سام ألتمان، ضد فكرة الإعلانات في ChatGPT. ومع ذلك، في مقابلة حديثة، غير ألتمان موقفه قليلاً، مشيراً إلى أنه سيكون منفتحاً على نماذج “إعلانية لطيفة” (tasteful advertising) في المستقبل، مثل الحصول على “رسوم شراكة” (affiliate fees) على المشتريات التي تتم عبر المنصة، طالما أنها لا تتضمن بيع أماكن مدفوعة في نتائج البحث نفسها. هذا يشير إلى أن نموذج تحقيق الدخل قد يتطور لاحقاً.
ميزات إضافية قادمة وتوسع في الانتشار
بالتزامن مع تحديث التسوق، أعلنت OpenAI أيضاً عن ميزتين إضافيتين تعززان قدرات ChatGPT search:
- عرض عمليات البحث الرائجة: سيعرض ChatGPT search الآن اقتراحات لعمليات البحث الرائجة (trending searches) أثناء قيام المستخدم بالكتابة، تماماً مثل ميزة الإكمال التلقائي في بحث Google.
- وصول ChatGPT search إلى واتساب (WhatsApp): أصبح بإمكان المستخدمين الآن مراسلة روبوت ChatGPT على واتساب للحصول على إجابات محدثة من الويب مباشرة عبر الدردشة.
بالإضافة إلى ذلك، تخطط OpenAI لدمج ميزة الذاكرة (Memory) مع التسوق قريباً لمستخدمي الاشتراكات المدفوعة (Pro و Plus)، مما يسمح لـ ChatGPT بتذكر تفضيلات المستخدم من المحادثات السابقة لتقديم توصيات منتجات أكثر تخصيصاً ودقة. ومع ذلك، هذه الميزة لن تكون متاحة في دول الاتحاد الأوروبي، المملكة المتحدة، سويسرا، النرويج، آيسلندا، وليختنشتاين بسبب لوائح الخصوصية.
في الختام: ChatGPT… ليس مجرد شات بوت بعد الآن!
هذا التحديث يمثل خطوة هامة في تحويل ChatGPT من مجرد نموذج لغوي للمحادثة إلى منصة متكاملة ومساعدة في مختلف جوانب الحياة الرقمية للمستخدم. التوجه نحو التسوق الإلكتروني هو انتقال طبيعي بالنظر إلى حجم هذا السوق وأهميته.
بتحديها لـ Google في ساحة التسوق، تسعى OpenAI لتقديم تجربة مختلفة، تركز على التخصيص والفهم العميق لاستعلامات المستخدمين بلغتهم الطبيعية. بينما لا يزال الوقت مبكراً للحكم على مدى نجاح هذه الميزة وتأثيرها على سلوك التسوق عبر الإنترنت، فإن إضافة هذه القدرات تضع ChatGPT كلاعب جدي ومنافس في واحدة من أهم أسواق الويب.
